الأحد، 30 ديسمبر 2012

تسليم محمود عباس مهامه إلى نتنياهو



في لقاء مع صحيفة هآرتس يوم الخميس الماضي (27/12/2012م) قال محمود عباس أنه إن لم يحصل تطور على صعيد مفاوضات السلام ولم يتم وقف الاستيطان بعد الانتخابات الصهيونية، فإنه "سأتصل بنتنياهو، وأقول له تعال اجلس مكاني، وخذ المفاتيح وأنت ستكون مسؤولًا عن السلطة الفلسطينية"، وهذا النص الذي نشرته الصحيفة باللغة الإنجليزية:
 
If there is no progress even after the election I will take the phone and call [Prime Minister Benjamin] Netanyahu,” Abbas said. “I’ll tell him ... Sit in the chair here instead of me, take the keys, and you will be responsible for the Palestinian Authority.

وحاول صائب عريقات تفسير كلمات عباس موضحًا أنه يقصد بها أن السلطة سوف تنهار إن لم يحصل تقدم بمفاوضات السلام، وبالتالي فلا يوجد أي اختلاف بالمضمون بين كلام عباس الحرفي الذي قاله للصحيفة أو تفسير عريقات، فكليهما يقران بأن بقاء السلطة مرهون بما يجود عليها الصهاينة وينعمون عليها بمكافآت مختلفة الأشكال والألوان.


أما وقد اعترف أهل أوسلو بأن بقاء السلطة هي منة من الاحتلال عليهم، فلن أتكلم عن فقدان السلطة وحركة فتح البوصلة وتحولها عن دورها كجزء من حركة التحرر الوطني، كما لن أتكلم أيضًا عن اعتراف عباس الضمني لنا بأن سلطته تقوم بوظيفة الاحتلال في الضفة الغربية، عندما يقول لنتنياهو "خذ المفاتيح وأنت ستكون مسؤولًا عن السلطة الفلسطينية".

ولن أتكلم عن جدية تهديد عباس، فقد سبق وأن هدد بالاستقالة وحل السلطة علنًا وسرًا ألف مرة ومرة ولم ينفذ ولا مرة تهديده وحتى لم يكن قريبًا من ذلك، لذلك فلن أصدق إلا عندما أرى بعيني.

لكن أسأل هل حقًا يخيف نتنياهو أن تنهار السلطة وأن يتولى الاحتلال مسؤولية الضفة الغربية؟ الجواب يحتمل إجابتين: إما نعم فهذا يخيف الصهاينة ومعناه أن السلطة تحمل عبئ نيابة عن الاحتلال وهذه بحد ذاته خيانة وطنية يجب محاسبة عباس عليها، وإما أن الجواب لا وبالتالي كأنه يقول للصهاينة إذا استمر تعنتكم فسأقدم لكم مكافأة وأحل السلطة، وهذا غباء سياسي مطلق بكل تأكيد!

هنالك جانبين لحل السلطة: توقف التنسيق الأمني وانفتاح المواجهة الأمنية على مصراعيها بين الشعب الفلسطيني في الضفة وسلطات الاحتلال، وهذا بكل تأكيد تهديد للصهاينة، وبالمقابل هنالك إدارة الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني وهذا الجانب لن يهتم به الصهاينة بل على العكس سيرونها فرصة لزيادة التخلف الاقتصادي والاجتماعي في الضفة الغربية، وسيكونون مسرروين وقتها لأن ذلك يعني (من وجهة نظرهم) تشجيع الفلسطينيين على الهجرة من الضفة إلى الخارج.

وأخشى ما أخشاه أن ينفذ عباس تهديده جزئيًا، أي أن يتوقف عن شق تقديم الخدمات للشعب الفلسطيني ويلقي عبأه على الاحتلال (والذي لن يقدم شيئًا وسيتلذذ على معاناة المجتمع الفلسطيني)، فيما سيحافظ بنفس الوقت على الشق الأمني وتعهده بمنع الانتفاضة الثالثة مهما كان الثمن، وقتها يكون قد جمع أسوأ ما بالخيارين (خيار حل السلطة وحل بقاء السلطة).

أما أفضل الخيارات: وقف التنسيق الأمني والحفاظ على دور الخدمات التي يقدمها للشعب الفلسطيني، وأن يقف بكل شجاعة ويقول للصهاينة نريد أموالنا المسروقة وإلا سنفعل كذا وكذا، فأنا على يقين أنها ليست من خيارات عباس، وفيما لو حصل المستحيل واتبع هذا الخيار فسأعتذر من عباس على رؤوس الأشهاد.

ليست هناك تعليقات: