مع قرار الاحتلال الصهيوني ابعاد النواب المقدسيين الثلاث والنائب خالد أبو عرفة، تصاعدت موجة شجب واستنكار عربية دون مواقف عملية (كالعادة)، وفيما اختطف النائب أبو طير الذي ما زال لحد اليوم يقبع في سجون الاحتلال، لم يجد النواب الآخرون حلاً سوى اللجوء إلى مقر الصليب الأحمر بالقدس، والاحتماء بالتحركات الشعبية المقدسية.
النظام الأردني كعادته يدعي أنه ضد الاجراءات الصهيونية في القدس، بما فيه قرار الابعاد، ولتأكيد هذا الكلام قام سفير الأردن لدى السلطة بزيارة النواب المعتصمين، قبل أكثر من أسبوع واعلن دعم حكومته لهم ورفضها لقرار الابعاد (ولا أعلم لماذا لم يزرهم أيضاً سفير الأردن لدى الكيان – ربما لأن يتكلم بلغة أخرى غير اللغة التي نسمعها عبر وسائل الاعلام).
وتعهد السفير الأردني بسعي الحكومة الأردنية لحل مشكلة النواب، ولحد اليوم لم نر شيئاً، ومازال النواب محاصرين في مقر الصليب الأحمر وما زال أبو طير معتقلاً، والخارجية الأردنية اعتبرت أن تصريحات سفيرها هو نهاية المطاف وليس بالإمكان أبدع مما كان.
وفي المقابل وقبل زيارة السفير الأردني بأيام ثلاث (أي في 11/7) قامت المخابرات الأردنية بتسليم مواطن أردني إلى سلطات الاحتلال الصهيوني!! أي رسالة نصدق؟ كلام السفير الرافض لقرار الابعاد؟ أم أفعال المخابرات الأردنية التي قدمت مكافآة مجانية للاحتلال الصهيوني؟
والمواطن سامر البرق ليس أول مواطن اردني أو فلسطيني تسلمه حكومة الأردن لسلطات الاحتلال، فهنالك حالات عديدة وبعضها يعود لسنوات التسعينات، لمقاومين لجأوا إلى الأردن لتسلمهم الحكومة الأردنية بكل برودة أعصاب للمحتل الصهيوني ليفنوا زهرة شبابهم في سجون الاحتلال.
كيف تريدون منا أن نصدق أقوال السفير القرالة وأفعال حكومته تكذب كل كلمة قالها؟ لا تريدون مساعدة النواب المقدسيين ولا الشعب الفلسطيني فهذا خياركم، لكن لا تكذبوا وتحاولوا تضليل أبناء الشعب الأردني الذي بات يعرف أكاذيبكم وأضاليلكم.
شباب من أجل فلسطين تحاول أن تستثير همة الشباب وتتفاعل مع أفكارهم، فأي فكرة مهما كانت بسيطة نحتاجها ما دامت تخدم القضية الفلسطينية.
الثلاثاء، 27 يوليو 2010
الثلاثاء، 20 يوليو 2010
منع قافلة الأنصار: هل النظام الأردني متواطئ؟
قافلة الأنصار خرجت من الأردن صوب مصر من أجل عبور الحدود التي قيل أنها مفتوحة بين رفح المصرية ورفح الغزية من أجل الوصول إلى أهل قطاع غزة والتضامن مع أهله، وإيصال مساعدات شعبية أردنية، لكن عند ميناء نويبع كانت ومثل مرات سبقت عراقيل من النظام المصري، فالمساعدات إلى غزة لا تستقبل إلا في العريش (قرار سيادي فقط لا غير)، وبعد أخذ ورد أعيدت القافلة إلى ميناء العقبة، حيث انتظرت لعدة أيام وتواصلت مع الخارجية الأردنية والقنصلية المصرية في العقبة والشركة المسؤولة عن النقل بين العقبة ونويبع دون فائدة.
في نهاية المطاف اضطر القائمون على القافلة العودة دون بلوغ الهدف المنشود، بعد أن وقف "النظام المصري الشقيق" عقبة كأداء أمام القافلة، وفي اصرار عجيب رفض دخولها، وهي ليست أول مرة بل ثاني أو ثالث مرة يمنع النظام المصري وفوداً شعبية من الأردن دخول غزة. وكل مرة بموجب قرارات سيادية عليا.
والسؤال لماذا لم تستطع وزارة الخارجية الأردنية مساعدة القافلة؟ لماذا لم تتوسط لها؟ أليست معنية بمساعدة أهل غزة؟ ألم يحصل توتر ديبلوماسي بعد إهانة مواطنيها وأعضاء وقيادات نقابات الأردن المهنية؟ أم أنه لا اعتبار لهم ولا لكرامتهم؟ أين شعار الأردن أولاً ومواطنوا الأردن يمنعون بشكل مهين من دخول بلد شقيق فيما الصهاينة يلعبون ويمرحون فيه.
قبل شهر خرجت قافلة مساعدات برية من الجزائر نحو غزة، مروراً بالشقيق المصري طبعاً، وقامت الخارجية الجزائرية بالتنسيق لهذه القافلة مع السلطات المصرية، ودخلت الأراضي المصرية ولقيت عراقيل ومضايقات من السلطات المصرية الحريصة على اذلال كل من يمر ذاهباً لمناصرة أهل غزة المحاصرين، وعند معبر رفح حاولوا تعطيل مرور القافلة وقالوا سنسمح لبعض أعضاء القافلة وليس كلهم بالمرور وبدون المساعدات، وبعد أخذ ورد واصرار وعناد من أعضاء القافلة دخلت كاملة أعضاءً ومساعدات، وكان من الطبيعي أن تمر فهنالك اتفاق مع الخارجية الجزائرية بمرورها كما هي، وما كان من السلطات المصرية مجرد مناورة.
السؤال الذي يطرح نفسه من علاقته أقوى بالحكومة المصرية: الحكومة الجزائرية (وكلنا يعرف التوتر الذي حصل على خلفية مباراة كرة القدم) أم الحكومة الأردنية شريكة النظام المصري بمحور الاعتدال؟ لماذا لم تنسق الخارجية الأردنية للقافلة؟ أم أنها ليست معنية بمرورها من الأصل؟ وليس مستبعداً أنها هي من طلبت من السلطات المصرية وضع العراقيل أمام القافلة.
فالنظام الأردني يريد أن يبقي التضامن مع قضايا الأمة في إطار الكلام والمناشدات والخطابات، ولا يريد أن يرتفع سقف القوى الحية في الأردن عن ذلك، وحتى لا يظهر بمظهر المعادي لإرادة الشعب فإنه ترك مهمة معاداة الشعب الأردني للنظام المصري، في لعبة توزيع الأدوار المعهودة.
والسؤال لقوى المقاومة والقوى الشريفة في الأردن ألم يأن الأوان ليكون لكم موقف حاسم وحازم من هذا النظام الذي يريد تكبيل أيديكم والمتواطئ جهاراً نهاراً مع الكيان الصهيوني؟ أعلم أنكم لا تريدون خوض معارك جانبية تلهيكم عن معركتكم الأساسية مع الكيان الصهيوني، لكن حتى تحوزوا شرف مقارعة العدو الصهيوني يجب أن تنتزعوا حقكم بمقارعته ومقاومته انتزاعاً رغماً عن المتآمرين.
في نهاية المطاف اضطر القائمون على القافلة العودة دون بلوغ الهدف المنشود، بعد أن وقف "النظام المصري الشقيق" عقبة كأداء أمام القافلة، وفي اصرار عجيب رفض دخولها، وهي ليست أول مرة بل ثاني أو ثالث مرة يمنع النظام المصري وفوداً شعبية من الأردن دخول غزة. وكل مرة بموجب قرارات سيادية عليا.
والسؤال لماذا لم تستطع وزارة الخارجية الأردنية مساعدة القافلة؟ لماذا لم تتوسط لها؟ أليست معنية بمساعدة أهل غزة؟ ألم يحصل توتر ديبلوماسي بعد إهانة مواطنيها وأعضاء وقيادات نقابات الأردن المهنية؟ أم أنه لا اعتبار لهم ولا لكرامتهم؟ أين شعار الأردن أولاً ومواطنوا الأردن يمنعون بشكل مهين من دخول بلد شقيق فيما الصهاينة يلعبون ويمرحون فيه.
قبل شهر خرجت قافلة مساعدات برية من الجزائر نحو غزة، مروراً بالشقيق المصري طبعاً، وقامت الخارجية الجزائرية بالتنسيق لهذه القافلة مع السلطات المصرية، ودخلت الأراضي المصرية ولقيت عراقيل ومضايقات من السلطات المصرية الحريصة على اذلال كل من يمر ذاهباً لمناصرة أهل غزة المحاصرين، وعند معبر رفح حاولوا تعطيل مرور القافلة وقالوا سنسمح لبعض أعضاء القافلة وليس كلهم بالمرور وبدون المساعدات، وبعد أخذ ورد واصرار وعناد من أعضاء القافلة دخلت كاملة أعضاءً ومساعدات، وكان من الطبيعي أن تمر فهنالك اتفاق مع الخارجية الجزائرية بمرورها كما هي، وما كان من السلطات المصرية مجرد مناورة.
السؤال الذي يطرح نفسه من علاقته أقوى بالحكومة المصرية: الحكومة الجزائرية (وكلنا يعرف التوتر الذي حصل على خلفية مباراة كرة القدم) أم الحكومة الأردنية شريكة النظام المصري بمحور الاعتدال؟ لماذا لم تنسق الخارجية الأردنية للقافلة؟ أم أنها ليست معنية بمرورها من الأصل؟ وليس مستبعداً أنها هي من طلبت من السلطات المصرية وضع العراقيل أمام القافلة.
فالنظام الأردني يريد أن يبقي التضامن مع قضايا الأمة في إطار الكلام والمناشدات والخطابات، ولا يريد أن يرتفع سقف القوى الحية في الأردن عن ذلك، وحتى لا يظهر بمظهر المعادي لإرادة الشعب فإنه ترك مهمة معاداة الشعب الأردني للنظام المصري، في لعبة توزيع الأدوار المعهودة.
والسؤال لقوى المقاومة والقوى الشريفة في الأردن ألم يأن الأوان ليكون لكم موقف حاسم وحازم من هذا النظام الذي يريد تكبيل أيديكم والمتواطئ جهاراً نهاراً مع الكيان الصهيوني؟ أعلم أنكم لا تريدون خوض معارك جانبية تلهيكم عن معركتكم الأساسية مع الكيان الصهيوني، لكن حتى تحوزوا شرف مقارعة العدو الصهيوني يجب أن تنتزعوا حقكم بمقارعته ومقاومته انتزاعاً رغماً عن المتآمرين.
الاثنين، 19 يوليو 2010
هل كانت أم المؤمنين لتقبل بما يحصل؟
عندما ارتكب الجزار الصهيوني باروخ غولدشتاين مذبحة المسجد الإبراهيمي عام 1994م استهجنها العالم واستكبرها الجميع، كيف لا وهو الذي أطلق النار غدراً وغيلة على مئات المصلين من خلف ظهورهم وهم ساجدون بين يدي المولى عز وجل. وباتت فعلته الشنيعة رمزاً للدرك الأسفل الذي يمكن أن يصل إليه البشر في حقدهم وبغضهم.
لكن للأسف تلى هذه الجريمة بأعوام قليلة التفجير تلو التفجير في مساجد المسلمين وفي بيوت عزاء، مرة في العراق ومرة في الباكستان ومرة ومرة، وللأسف كلها على أيدي مسلمين، ليسابقوا باروخ غولدشتاين في جريمته، ألم يحرم الله دم الإنسان إلا بالحق؟ بأي جريمة أو ذنب يقتل المسلمون بالمئات أو العشرات وبشكل عشوائي في مسجد أو بيت عزاء؟ هل استهداف شخص أو اثنين يبيح دماء كل هؤلاء الناس؟
كيف ننتظر من الغرب احترامنا كمسلمين واحترام مساجدنا واحترام نقابنا واحترام حجابنا ونحن لا نحترم بعضنا البعض؟ هل كون الشيعة من أهل البدع يبيح دمهم بالطريقة العشوائية هذه؟ البعض يبرر هذه الأفعال بأن الشيعة ليسوا مسلمين أو أن المتصوفة الذين قتلوا في باكستان من أهل الضلال والابتداع، لا أريد الدخول في نقاش صحة هذا القول، لكن هل هذا يبرر قتلهم؟ من افتى بقتلهم وبشكل عشوائي؟
أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتنا عندما رفض قتل رؤوس النفاق بالرغم من استحقاقهم لذلك حتى لا يقال "أن محمداً يقتل أصحابه". وغير المسلم لا يميز بين شيعي وسني، وهو لن يفهم من هذه المجازر سوى أن المسلمين أناس دمويون إجراميون، وكم من وافد جديد على الإسلام ردعه هذا الإجرام؟
يبررون هذه التفجيرات العشوائية بنصرة صحابة رسول الله وأمهات المؤمنين، ويقولون لا حرمة لدم من يشتم أم المؤمنين عائشة، وأسألهم بالله عليكم لو كانت أم المؤمنين أو الخليفة العادل عمر بن الخطاب أو غيرهم من الصحابة (رضي الله عنهم جميعاً) بيننا هل كانوا سيرضون بسفك هذه الدماء نصرة لهم؟ هل كانوا سيقبلون بهذه المذابح الدموية؟ وكأني بأم المؤمنين تقول لهم "إني أتصدق بعرضي على من انتهكه لكن لا تسفكوا الدماء باسمي".
لكن للأسف تلى هذه الجريمة بأعوام قليلة التفجير تلو التفجير في مساجد المسلمين وفي بيوت عزاء، مرة في العراق ومرة في الباكستان ومرة ومرة، وللأسف كلها على أيدي مسلمين، ليسابقوا باروخ غولدشتاين في جريمته، ألم يحرم الله دم الإنسان إلا بالحق؟ بأي جريمة أو ذنب يقتل المسلمون بالمئات أو العشرات وبشكل عشوائي في مسجد أو بيت عزاء؟ هل استهداف شخص أو اثنين يبيح دماء كل هؤلاء الناس؟
كيف ننتظر من الغرب احترامنا كمسلمين واحترام مساجدنا واحترام نقابنا واحترام حجابنا ونحن لا نحترم بعضنا البعض؟ هل كون الشيعة من أهل البدع يبيح دمهم بالطريقة العشوائية هذه؟ البعض يبرر هذه الأفعال بأن الشيعة ليسوا مسلمين أو أن المتصوفة الذين قتلوا في باكستان من أهل الضلال والابتداع، لا أريد الدخول في نقاش صحة هذا القول، لكن هل هذا يبرر قتلهم؟ من افتى بقتلهم وبشكل عشوائي؟
أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتنا عندما رفض قتل رؤوس النفاق بالرغم من استحقاقهم لذلك حتى لا يقال "أن محمداً يقتل أصحابه". وغير المسلم لا يميز بين شيعي وسني، وهو لن يفهم من هذه المجازر سوى أن المسلمين أناس دمويون إجراميون، وكم من وافد جديد على الإسلام ردعه هذا الإجرام؟
يبررون هذه التفجيرات العشوائية بنصرة صحابة رسول الله وأمهات المؤمنين، ويقولون لا حرمة لدم من يشتم أم المؤمنين عائشة، وأسألهم بالله عليكم لو كانت أم المؤمنين أو الخليفة العادل عمر بن الخطاب أو غيرهم من الصحابة (رضي الله عنهم جميعاً) بيننا هل كانوا سيرضون بسفك هذه الدماء نصرة لهم؟ هل كانوا سيقبلون بهذه المذابح الدموية؟ وكأني بأم المؤمنين تقول لهم "إني أتصدق بعرضي على من انتهكه لكن لا تسفكوا الدماء باسمي".
الأحد، 18 يوليو 2010
لماذا لا تريد حماس انفصال غزة عن الكيان الصهيوني؟
قد يتساءل المرء بعد طرح وزير خارجية الكيان الصهيوني مقترح "الانفصال عن غزة" وتحويله إلى "كيان مستقل ومنفصل تماماً" عن سبب رفض حركة حماس لهذه الخطة، فأن ترفض السلطة فذلك أمر غير مستغرب نظراً لتمسكها بمسار التسوية السلمية وأن يكون أي انسحاب صهيوني هو جزء من تسوية شاملة يتم التوصل إليها، كما أن الانفصال الاقتصادي والسياسي عن الكيان ليس أولوية لدى السلطة.
لكن لماذا سارعت حماس لرفض الخطة والمبادرة؟ أليست هي من تنادي بفك الحصار عن قطاع غزة وأن يكون تعامل القطاع مع العالم الخارجي مباشرة وبدون تدخل الكيان الصهيوني؟ ألا تؤمن الحركة بالتحرر المرحلي وهذه فرصة لتحرير غزة بشكل كامل بعد أن كانت محررة بشكل جزئي بسبب الحصار الذي كان مفروضاً عليها طوال الوقت؟
من المفيد ابتداء التذكير بأن الصهاينة زعموا عقب انسحابهم من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات عام 2005م بأنهم انهوا احتلالهم للقطاع وأنه لم يعد يربطهم أي رابط به، لتثبت الحوادث المتتالية أنهم ما زالوا يحاصرون القطاع وينتهكون حرمة أراضيه ومياهه وأجوائه بشكل روتيني ومستمر، وآخرها هو المنع المتتالي لسفن فك الحصار من الوصول إلى غزة عن طريق المياه الدولية.
والواقع أن حادثة الاعتداء على أسطول الحرية هي ما دفعت ليبرمان لطرح خطته هذه، فالدعاية الصهيونية كانت دوماً تردد بأن الصهاينة انسحبوا من قطاع غزة وليسوا مسؤولين عن معاناة أهله، لتأتي حادثة القرصنة البحرية لتثبت أن الاحتلال الصهيوني خرج من داخل قطاع غزة لكنه ما زال يحاصره، وأن تحرير القطاع الذي حصل عام 2005م هو تحرير جزئي وليس كاملاً.
فخطة ليبرمان هذه هي بمثابة اعتراف صريح من الصهاينة بأنهم ما زالوا يتدخلون بشؤون قطاع غزة وأنهم ما زالوا بحكم المحتلين للقطاع وإن كانوا خارج حدوده وإن كانوا قد فككوا المستوطنات، لكنها لا تعني بحال من الأحوال أنها مبادرة حقيقية لفك الارتباط بغزة أو فك الحصار عنه، هي فقط محاولة لنقل صلاحيات الاحتلال إلى جهة ثالثة تقوم بالمهمات القذرة نيابة عن الاحتلال.
ولاحظوا معنا ما جاء في الخطة جملة تحويل غزة إلى "كيان مستقل" وليس دولة مستقلة، ليس لأن ليبرمان حريص على عدم تجزئة الضفة والقطاع، بل لأنه وبكل بساطة لا يريدها أن تتمتع بالصلاحيات التي تمتلكها الدول المستقلة، يريد من الأوروبيين نشر قواتهم في غزة لحماية أمن الاحتلال، ويريد من الأوروبيين أن يزودوا القطاع بالوقود والكهرباء والمياه، وفوق كل شيء ضمان أمن الكيان الصهيوني.
وبما أن أمن الكيان الصهيوني هو ضمن أي ترتيب يطرحه الصهاينة فهذا يعني حقهم بالتدخل في شؤون قطاع غزة، لكن هذه المرة بطريقة غير مباشرة فيطلبون من وكيلهم في غزة (أي الأوروبيين) القيام بالخطوات اللازمة، ويمارسوا سياسة الإملاء، وكان قد سبق وأن طرحوا هذا المقترح على المصريين ورفضوه، والآن يعرضوه على الأوروبيين لدراسته (لاحظوا التناقض العجيب أصحاب الشأن أهل غزة لا يستشارون).
لذا كان من الطبيعي أن ترفض حماس أو غير حماس هذا العرض الصهيوني، لأنه لا يتضمن أي استقلال لغزة، بل مجرد تغيير لوجه السجان من صهيوني إلى أوروبي، ولأنه يشكل مخرجاً يخفف عن الكيان الصهيوني أزمته الدولية وصورته الاعلامية المتدهورة، دون أن يقدم أي شيء حقيقي للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل تحرير أرضه المسلوبة واستعادة حقوقه المشروعة، بل يكبل الفلسطينيين باتفاقيات تشابه (أو حتى أسوأ من) اتفاقيات أوسلو.
يجب أن يكون الموقف هو الرفض التام لهذه الخطة وأشباهها، وإذا أراد الصهاينة فك الحصار أو الانسحاب أو رفع القيود التي يفرضونها على قطاع غزة فليذهبوا إلى الجحيم غير مأسوفٍ عليهم، ولن يبكي عليهم أحد ولن يترجاهم أحد ولن يأسف على مغادرتهم أحد، كما حصل عندما فككوا مستوطناتهم وخرجوا من غزة غير مأسوف عليهم.
لكن لا يأتوا ليطالبونا بالأثمان، ويحرم على حماس أو غير حماس أن تقبل دفع الأثمان للصهاينة، فعرضهم هذا يدل على أنهم في حرج وضيق بسبب الموقف الدولي الضاغط عليهم والمطالب برفع الحصار، وما دام الصهاينة بضيق وحرج فيجب التصعيد وتكثيف الحملات الدولية لرفع الحصار، ففي النهاية سيضطروا للخضوع ورفع الحصار دون قيد أو شرط، كما ننتظر من القوى الحية في الشعب المصري مواصلة ضغطها على النظام لكي يرفع الحصار من جهته، فللأسف ولحد اللحظة فالنظام يرفض رفع الحصار عن غزة معطياً الاحتلال ورقة مساومة، فلو رفع النظام المصري الحصار من جهته لن يجد الصهاينة أي أوراق ليساوموا بها.
أما تضمين ليبرمان خطته بنقاط براقة ومزركشة مثل الطلب من الأوروبيين إقامة محطات كهرباء وتحلية مياه في قطاع غزة، فهذه لا يجب أن تنطلي علينا، فأهل غزة يستطيعون إقامة هذه المشاريع بدون تمويل واشراف أوروبي هدفه جعل أهل غزة رهينة للتمويل الأوروبي وجعل هذه المشاريع أداة لابتزاز الشعب الفلسطيني: إما أن تتخلو عن حقوقكم التاريخية والسياسية أو سنقطع عنكم أموال الدعم والمشاريع. كل ما يحتاجه أهل غزة هو رفع الحصار الجائر ووقف العدوان المتواصل عليهم.
إذاً حركة حماس لا ترفض فك الحصار ولا ترفض توقف تدخل الاحتلال السافر في شؤون قطاع غزة، بل ترفض الابتزاز والمساومة وترفض خطة هدفها تجميل الاحتلال وتخليص المحتل الصهيوني من العبء الذي بات يمثله الحصار عليه، وتغيير وجوه السجانين. ليرفع ليبرمان حصار حكومته الظالم لغزة ولن يتأسف على ذهابهم أحد.
لكن لماذا سارعت حماس لرفض الخطة والمبادرة؟ أليست هي من تنادي بفك الحصار عن قطاع غزة وأن يكون تعامل القطاع مع العالم الخارجي مباشرة وبدون تدخل الكيان الصهيوني؟ ألا تؤمن الحركة بالتحرر المرحلي وهذه فرصة لتحرير غزة بشكل كامل بعد أن كانت محررة بشكل جزئي بسبب الحصار الذي كان مفروضاً عليها طوال الوقت؟
من المفيد ابتداء التذكير بأن الصهاينة زعموا عقب انسحابهم من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات عام 2005م بأنهم انهوا احتلالهم للقطاع وأنه لم يعد يربطهم أي رابط به، لتثبت الحوادث المتتالية أنهم ما زالوا يحاصرون القطاع وينتهكون حرمة أراضيه ومياهه وأجوائه بشكل روتيني ومستمر، وآخرها هو المنع المتتالي لسفن فك الحصار من الوصول إلى غزة عن طريق المياه الدولية.
والواقع أن حادثة الاعتداء على أسطول الحرية هي ما دفعت ليبرمان لطرح خطته هذه، فالدعاية الصهيونية كانت دوماً تردد بأن الصهاينة انسحبوا من قطاع غزة وليسوا مسؤولين عن معاناة أهله، لتأتي حادثة القرصنة البحرية لتثبت أن الاحتلال الصهيوني خرج من داخل قطاع غزة لكنه ما زال يحاصره، وأن تحرير القطاع الذي حصل عام 2005م هو تحرير جزئي وليس كاملاً.
فخطة ليبرمان هذه هي بمثابة اعتراف صريح من الصهاينة بأنهم ما زالوا يتدخلون بشؤون قطاع غزة وأنهم ما زالوا بحكم المحتلين للقطاع وإن كانوا خارج حدوده وإن كانوا قد فككوا المستوطنات، لكنها لا تعني بحال من الأحوال أنها مبادرة حقيقية لفك الارتباط بغزة أو فك الحصار عنه، هي فقط محاولة لنقل صلاحيات الاحتلال إلى جهة ثالثة تقوم بالمهمات القذرة نيابة عن الاحتلال.
ولاحظوا معنا ما جاء في الخطة جملة تحويل غزة إلى "كيان مستقل" وليس دولة مستقلة، ليس لأن ليبرمان حريص على عدم تجزئة الضفة والقطاع، بل لأنه وبكل بساطة لا يريدها أن تتمتع بالصلاحيات التي تمتلكها الدول المستقلة، يريد من الأوروبيين نشر قواتهم في غزة لحماية أمن الاحتلال، ويريد من الأوروبيين أن يزودوا القطاع بالوقود والكهرباء والمياه، وفوق كل شيء ضمان أمن الكيان الصهيوني.
وبما أن أمن الكيان الصهيوني هو ضمن أي ترتيب يطرحه الصهاينة فهذا يعني حقهم بالتدخل في شؤون قطاع غزة، لكن هذه المرة بطريقة غير مباشرة فيطلبون من وكيلهم في غزة (أي الأوروبيين) القيام بالخطوات اللازمة، ويمارسوا سياسة الإملاء، وكان قد سبق وأن طرحوا هذا المقترح على المصريين ورفضوه، والآن يعرضوه على الأوروبيين لدراسته (لاحظوا التناقض العجيب أصحاب الشأن أهل غزة لا يستشارون).
لذا كان من الطبيعي أن ترفض حماس أو غير حماس هذا العرض الصهيوني، لأنه لا يتضمن أي استقلال لغزة، بل مجرد تغيير لوجه السجان من صهيوني إلى أوروبي، ولأنه يشكل مخرجاً يخفف عن الكيان الصهيوني أزمته الدولية وصورته الاعلامية المتدهورة، دون أن يقدم أي شيء حقيقي للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل تحرير أرضه المسلوبة واستعادة حقوقه المشروعة، بل يكبل الفلسطينيين باتفاقيات تشابه (أو حتى أسوأ من) اتفاقيات أوسلو.
يجب أن يكون الموقف هو الرفض التام لهذه الخطة وأشباهها، وإذا أراد الصهاينة فك الحصار أو الانسحاب أو رفع القيود التي يفرضونها على قطاع غزة فليذهبوا إلى الجحيم غير مأسوفٍ عليهم، ولن يبكي عليهم أحد ولن يترجاهم أحد ولن يأسف على مغادرتهم أحد، كما حصل عندما فككوا مستوطناتهم وخرجوا من غزة غير مأسوف عليهم.
لكن لا يأتوا ليطالبونا بالأثمان، ويحرم على حماس أو غير حماس أن تقبل دفع الأثمان للصهاينة، فعرضهم هذا يدل على أنهم في حرج وضيق بسبب الموقف الدولي الضاغط عليهم والمطالب برفع الحصار، وما دام الصهاينة بضيق وحرج فيجب التصعيد وتكثيف الحملات الدولية لرفع الحصار، ففي النهاية سيضطروا للخضوع ورفع الحصار دون قيد أو شرط، كما ننتظر من القوى الحية في الشعب المصري مواصلة ضغطها على النظام لكي يرفع الحصار من جهته، فللأسف ولحد اللحظة فالنظام يرفض رفع الحصار عن غزة معطياً الاحتلال ورقة مساومة، فلو رفع النظام المصري الحصار من جهته لن يجد الصهاينة أي أوراق ليساوموا بها.
أما تضمين ليبرمان خطته بنقاط براقة ومزركشة مثل الطلب من الأوروبيين إقامة محطات كهرباء وتحلية مياه في قطاع غزة، فهذه لا يجب أن تنطلي علينا، فأهل غزة يستطيعون إقامة هذه المشاريع بدون تمويل واشراف أوروبي هدفه جعل أهل غزة رهينة للتمويل الأوروبي وجعل هذه المشاريع أداة لابتزاز الشعب الفلسطيني: إما أن تتخلو عن حقوقكم التاريخية والسياسية أو سنقطع عنكم أموال الدعم والمشاريع. كل ما يحتاجه أهل غزة هو رفع الحصار الجائر ووقف العدوان المتواصل عليهم.
إذاً حركة حماس لا ترفض فك الحصار ولا ترفض توقف تدخل الاحتلال السافر في شؤون قطاع غزة، بل ترفض الابتزاز والمساومة وترفض خطة هدفها تجميل الاحتلال وتخليص المحتل الصهيوني من العبء الذي بات يمثله الحصار عليه، وتغيير وجوه السجانين. ليرفع ليبرمان حصار حكومته الظالم لغزة ولن يتأسف على ذهابهم أحد.
الاثنين، 5 يوليو 2010
رداً على "المحرر السياسي": الكيان الصهيوني هو العدو وليس حركة حماس
لم يدر في خلدي عندما كتبت مقالتي الأخيرة "النظام الأردني وأكذوبة رفض الوطن البديل" أن تثور ثائرة بعض الجهات الرسمية والتي حرصت على الرد علي من خلال مقال هجومي وتصعيدي نشر في أكثر من موقع أردني باسم "المحرر السياسي"، ولا أدري ما هو هذا المحرر السياسي الذي يعمل بعشرات المواقع، على أي حال أرى أنه من حقي الرد على عدد من المغالطات وتحريف الحقائق التي أوردها المحلل السياسي هذا، والذي يبدو أنه كان مستفزاً لأني مقالي مس بخطوط حمراء لدى النظام الأردني.
حرص المحرر السياسي على استخدام لغة التهديد المبطن في مقاله، وبدلاً من مناقشة القضايا التي طرحتها هرب إلى أسلوب التهويش والتحريض ضد حركة حماس والتستر وراء الشعب الأردني، حيث وجدنا مقاله مليء بجمل مثل "نشعر بالقلق كأردنيين لمواصلة التعنت والانقلاب ..."، ولا أدري من خوله الحديث باسم الشعب الأردني، إلا أنه من سياق كلامه يفهم أنه يقصد النظام، فمثل أغلب الأنظمة المستبدة يختزل الشعب بشخص النظام. فلا يوجد سبب للزج باسم الشعب الأردني في مقاله إلا تمادياً في إثارة النعرات الفلسطينية الأردنية، وخاصة أني لم أكن في يوم من الأيام من الذين ينكرون جهاد وبطولة وشهامة الشعب الأردني ولا تضحياته، بل واعتبر أننا والشعب الأردني في خندق واحد ومعركة مصيرية واحدة ضد الكيان الصهيوني.
ومقالي أصلاً لم يكن فيه تهجم لا صريح ولا مخفي على الشعب الأردني، كان اتهامي للنظام الأردني بتهم محددة، ومن أراد الدفاع عن النظام فليدافع عنه، لكن عندما يتستر وراء مسمى الشعب والبلد محاولاً خلط الأمور فهذا دلالة على ضعف الحجة والبرهان والافلاس الفكري والسياسي. وربما كان أحرى به وبالنظام الأردني أن يحترموا رأي الشعب الأردني المعارض لوجود السفارة الصهيونية والرافض لاتفاقية وادي عربة.
يتكلم المحرر السياسي عن حماس الانقلابية التي تتدخل في الشأن الأردني، متناسياً أنه يدافع عن تدخل النظام الأردني في الشأن الفلسطيني الداخلي، ويدافع عن تكريس النظام الأردني للانقسام الفلسطيني عبر الدعم غير المحدود لحكومة فياض الانقلابية، ومتناسياً أن قوات الأمن التابعة لفياض تتدرب في الأردن على قمع الشعب الفلسطيني وعلى قمع المقاومة.
هل يستطيع أحد انكار أن من يقدم هذا الدعم لسلطة قبلت بالتفريط بحق العودة، ورضيت بدور الحارس لأمن الصهاينة وتمنع أي شكل من أشكال المقاومة ضد الاحتلال، سواء كانت سلمية أو مسلحة، هو طرف في عملية تصفية القضية الفلسطينية وفي اسقاط حق العودة؟ هل لدى السلطة فلسطينية خطة أو تصور لتحرير فلسطين أو عودة اللاجئين حتى نفهم هذا الدعم غير المحدود للسلطة؟
وحتى يقزم الاتهام الموجه لنظامه هرب المحرر السياسي إلى اتهام حماس والكلام عن الانقلابيين وخلخلة الأمن الداخلي في الأردن وسيل من الاتهامات التي لا علاقة لها بما كتبته، فأنا لم أطلب من النظام الأردني أن يدعم حماس ولا أن يحبها، فقط أريد منه أن يحترم رغبة الشعب الأردني بإغلاق السفارة وانهاء اتفاقية وادي عربة، وإذا كان يزعم أن الشعب يؤيد هذه الاتفاقية فأتحداه أن يطرحها على الاستفتاء الشعبي، ليحترم رغبة شعبه ويعطيه العافية.
وعداء النظام الأردني لحماس لا علاقة له بدور حماس في الساحة الأردنية فليست حماس من حمل السلاح بوجه الشعب الأردني ولا من خاض صراعاً دموياً في أحداث أيلول الأسود، والذين أثاروا فتنة أيلول الأسود يسمح لهم بدخول الأردن والخروج منه بكل أريحية، أما مؤيدو حماس (فضلاً عن قادتها) فيمنعون من دخول الأردن ولو للزيارة، وأسألوا أي فلسطيني من الضفة مقرب من حماس ولديه ملف لدى المخابرات الصهيونية كيف يجد ملفه سبقه إلى المخابرات الأردنية التي تعيده لدى محاولته زيارة الأردن، وتبدأ بسرد نفس البنود الموجودة في ملفه الأمني.
كما أن العداء ليس وليد الانقلاب المزعوم ولا وجود حماس في المجلس التشريعي، بل هو تعبير عن انقلاب في السياسة الأردنية بعد وفاة المرحوم الملك حسين، والذي حرص على إدارة سياسة أردنية متوازنة، وإن كنت اختلف مع الكثير من قراراتها، لكنه وللحق كان شخصية متوازنة وحريصة على إدارة العلاقات الأردنية بطريقة عقلانية ومسؤولة، فكانت أول خطوات التصعيد والعداء هي طرد قادة حماس من الأردن عام 1999م.
ولا أدري ما سبب كل هذه الحساسية من فكرة العمل المقاوم في غور الأردن ضد العدو الصهيوني، وكأنها كبيرة من الكبائر، وهل يجب أن ندفع ثمن أخطاء المنظمة والتي أرتكبتها في أحداث ايلول الأسود؟ وهي أخطاء لا علاقة لها بالعمل المقاوم، بل كانت وبشهادة الجميع نتيجة للانحراف عن خط المقاومة والالتهاء بالصراعات الداخلية.
أتفهم أي نقاش حول جدوى العمل المسلح، وتحفظ البعض من أن يتم جر الأردن إلى معركة غير متكافئة مع الكيان الصهيوني، ففي نهاية المطاف نحن نريد عملاً مقاوماً يتسبب بالأذى والاحراج للعدو الصهيوني، وأي نقاش للعمل المقاوم يجب أن يدور في هذا الفلك، لكن أن يصبح مجرد التفكير بالعمل المقاوم المسلح ضد الاحتلال الصهيوني جريمة وكبيرة من الكبائر فهذا أمر لا أفهمه ولا أتفهمه، ولا أدري في هذا الأمر بماذا اختلف النظام الأردني عن سلطة فياض دايتون.
واعتقد (دون جزم) أن الذي استفز "المحرر السياسي" ومن يقف وراءه هو دعوتي لاستئناف العمل المقاوم المسلح، نظراً لأنه يحرج النظام الأردني مع الكيان الصهيوني (حليفه الاستراتيجي)، ولمسنا التهديد المبطن بقوله "كأردنيين ننظر بقلق لسلوك حماس ، كإمتداد لحركة الإخوان المسلمين"، ليوصل رسالة تهديد لكل الغيورين من أبناء الأردن ومن أبناء الإخوان المسلمين بأنه إياكم والتفكير بنهج المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني، ولعل هذا الهدف من وراء كل مقالته .
وحتى أوضح فكرتي من وراء الدعوة للعمل المقاوم المسلح عبر نهر الأردن، فأنا لا ادعو لتشكيل مجموعات ومليشيات تعيث فساداً في الأردن، كما يحاول البعض تخويف الناس من هذه الفكرة، بل كل شخص لديه القدرة لاجتياز نهر الأردن وتنفيذ عملية ضد الاحتلال أن يبادر وأن لا ينتظر إذناً من أحد، ولنا في الأسير المحرر ابن الأردن الأصيل سلطان العجلوني مثالاً يقتدى به، فهو قام بعمل فردي باجتياز نهر الأردن وقتل وأصاب ضباطاً صهاينة قبل أن يقع في الأسر.
قد نختلف وقد نتفق لكن يجب أن ندرك أن عدونا المشترك وعدونا اللدود هو الكيان الصهيوني وليس حركة حماس، وهذه ليست بدعة اخترعها المحرر السياسي، لكن سبقته سلطة دايتون التي تعمل ليل نهار على غسل عقول أبناء حركة فتح وإيهامهم بأن العدو هو حماس، ويتناسون العدو الحقيقي العدو الصهيوني. وفي النهاية كل من يتناسى الخطر الصهيوني ويتغاضى عن اعطاء الأولوية لمحاربته هو مشترك بجريمة الوطن البديل سواء كان يدرك ذلك أم لا، لأن استمرار وجود الكيان الصهيوني يعني تحقيق الوطن البديل وإن لم يسمى بهذا المسمى.
حرص المحرر السياسي على استخدام لغة التهديد المبطن في مقاله، وبدلاً من مناقشة القضايا التي طرحتها هرب إلى أسلوب التهويش والتحريض ضد حركة حماس والتستر وراء الشعب الأردني، حيث وجدنا مقاله مليء بجمل مثل "نشعر بالقلق كأردنيين لمواصلة التعنت والانقلاب ..."، ولا أدري من خوله الحديث باسم الشعب الأردني، إلا أنه من سياق كلامه يفهم أنه يقصد النظام، فمثل أغلب الأنظمة المستبدة يختزل الشعب بشخص النظام. فلا يوجد سبب للزج باسم الشعب الأردني في مقاله إلا تمادياً في إثارة النعرات الفلسطينية الأردنية، وخاصة أني لم أكن في يوم من الأيام من الذين ينكرون جهاد وبطولة وشهامة الشعب الأردني ولا تضحياته، بل واعتبر أننا والشعب الأردني في خندق واحد ومعركة مصيرية واحدة ضد الكيان الصهيوني.
ومقالي أصلاً لم يكن فيه تهجم لا صريح ولا مخفي على الشعب الأردني، كان اتهامي للنظام الأردني بتهم محددة، ومن أراد الدفاع عن النظام فليدافع عنه، لكن عندما يتستر وراء مسمى الشعب والبلد محاولاً خلط الأمور فهذا دلالة على ضعف الحجة والبرهان والافلاس الفكري والسياسي. وربما كان أحرى به وبالنظام الأردني أن يحترموا رأي الشعب الأردني المعارض لوجود السفارة الصهيونية والرافض لاتفاقية وادي عربة.
يتكلم المحرر السياسي عن حماس الانقلابية التي تتدخل في الشأن الأردني، متناسياً أنه يدافع عن تدخل النظام الأردني في الشأن الفلسطيني الداخلي، ويدافع عن تكريس النظام الأردني للانقسام الفلسطيني عبر الدعم غير المحدود لحكومة فياض الانقلابية، ومتناسياً أن قوات الأمن التابعة لفياض تتدرب في الأردن على قمع الشعب الفلسطيني وعلى قمع المقاومة.
هل يستطيع أحد انكار أن من يقدم هذا الدعم لسلطة قبلت بالتفريط بحق العودة، ورضيت بدور الحارس لأمن الصهاينة وتمنع أي شكل من أشكال المقاومة ضد الاحتلال، سواء كانت سلمية أو مسلحة، هو طرف في عملية تصفية القضية الفلسطينية وفي اسقاط حق العودة؟ هل لدى السلطة فلسطينية خطة أو تصور لتحرير فلسطين أو عودة اللاجئين حتى نفهم هذا الدعم غير المحدود للسلطة؟
وحتى يقزم الاتهام الموجه لنظامه هرب المحرر السياسي إلى اتهام حماس والكلام عن الانقلابيين وخلخلة الأمن الداخلي في الأردن وسيل من الاتهامات التي لا علاقة لها بما كتبته، فأنا لم أطلب من النظام الأردني أن يدعم حماس ولا أن يحبها، فقط أريد منه أن يحترم رغبة الشعب الأردني بإغلاق السفارة وانهاء اتفاقية وادي عربة، وإذا كان يزعم أن الشعب يؤيد هذه الاتفاقية فأتحداه أن يطرحها على الاستفتاء الشعبي، ليحترم رغبة شعبه ويعطيه العافية.
وعداء النظام الأردني لحماس لا علاقة له بدور حماس في الساحة الأردنية فليست حماس من حمل السلاح بوجه الشعب الأردني ولا من خاض صراعاً دموياً في أحداث أيلول الأسود، والذين أثاروا فتنة أيلول الأسود يسمح لهم بدخول الأردن والخروج منه بكل أريحية، أما مؤيدو حماس (فضلاً عن قادتها) فيمنعون من دخول الأردن ولو للزيارة، وأسألوا أي فلسطيني من الضفة مقرب من حماس ولديه ملف لدى المخابرات الصهيونية كيف يجد ملفه سبقه إلى المخابرات الأردنية التي تعيده لدى محاولته زيارة الأردن، وتبدأ بسرد نفس البنود الموجودة في ملفه الأمني.
كما أن العداء ليس وليد الانقلاب المزعوم ولا وجود حماس في المجلس التشريعي، بل هو تعبير عن انقلاب في السياسة الأردنية بعد وفاة المرحوم الملك حسين، والذي حرص على إدارة سياسة أردنية متوازنة، وإن كنت اختلف مع الكثير من قراراتها، لكنه وللحق كان شخصية متوازنة وحريصة على إدارة العلاقات الأردنية بطريقة عقلانية ومسؤولة، فكانت أول خطوات التصعيد والعداء هي طرد قادة حماس من الأردن عام 1999م.
ولا أدري ما سبب كل هذه الحساسية من فكرة العمل المقاوم في غور الأردن ضد العدو الصهيوني، وكأنها كبيرة من الكبائر، وهل يجب أن ندفع ثمن أخطاء المنظمة والتي أرتكبتها في أحداث ايلول الأسود؟ وهي أخطاء لا علاقة لها بالعمل المقاوم، بل كانت وبشهادة الجميع نتيجة للانحراف عن خط المقاومة والالتهاء بالصراعات الداخلية.
أتفهم أي نقاش حول جدوى العمل المسلح، وتحفظ البعض من أن يتم جر الأردن إلى معركة غير متكافئة مع الكيان الصهيوني، ففي نهاية المطاف نحن نريد عملاً مقاوماً يتسبب بالأذى والاحراج للعدو الصهيوني، وأي نقاش للعمل المقاوم يجب أن يدور في هذا الفلك، لكن أن يصبح مجرد التفكير بالعمل المقاوم المسلح ضد الاحتلال الصهيوني جريمة وكبيرة من الكبائر فهذا أمر لا أفهمه ولا أتفهمه، ولا أدري في هذا الأمر بماذا اختلف النظام الأردني عن سلطة فياض دايتون.
واعتقد (دون جزم) أن الذي استفز "المحرر السياسي" ومن يقف وراءه هو دعوتي لاستئناف العمل المقاوم المسلح، نظراً لأنه يحرج النظام الأردني مع الكيان الصهيوني (حليفه الاستراتيجي)، ولمسنا التهديد المبطن بقوله "كأردنيين ننظر بقلق لسلوك حماس ، كإمتداد لحركة الإخوان المسلمين"، ليوصل رسالة تهديد لكل الغيورين من أبناء الأردن ومن أبناء الإخوان المسلمين بأنه إياكم والتفكير بنهج المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني، ولعل هذا الهدف من وراء كل مقالته .
وحتى أوضح فكرتي من وراء الدعوة للعمل المقاوم المسلح عبر نهر الأردن، فأنا لا ادعو لتشكيل مجموعات ومليشيات تعيث فساداً في الأردن، كما يحاول البعض تخويف الناس من هذه الفكرة، بل كل شخص لديه القدرة لاجتياز نهر الأردن وتنفيذ عملية ضد الاحتلال أن يبادر وأن لا ينتظر إذناً من أحد، ولنا في الأسير المحرر ابن الأردن الأصيل سلطان العجلوني مثالاً يقتدى به، فهو قام بعمل فردي باجتياز نهر الأردن وقتل وأصاب ضباطاً صهاينة قبل أن يقع في الأسر.
قد نختلف وقد نتفق لكن يجب أن ندرك أن عدونا المشترك وعدونا اللدود هو الكيان الصهيوني وليس حركة حماس، وهذه ليست بدعة اخترعها المحرر السياسي، لكن سبقته سلطة دايتون التي تعمل ليل نهار على غسل عقول أبناء حركة فتح وإيهامهم بأن العدو هو حماس، ويتناسون العدو الحقيقي العدو الصهيوني. وفي النهاية كل من يتناسى الخطر الصهيوني ويتغاضى عن اعطاء الأولوية لمحاربته هو مشترك بجريمة الوطن البديل سواء كان يدرك ذلك أم لا، لأن استمرار وجود الكيان الصهيوني يعني تحقيق الوطن البديل وإن لم يسمى بهذا المسمى.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)