تكلمنا في الحلقة الماضية عن العمل الإداري بشكل عام، وضرورة تقسيم العمل إلى تخطيط وتنظيم وتوجيه وتقييم، واليوم سنتكلم عن خصوصيات العمل التطوعي التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حتى نحقق الفائدة المرجوة من العمل التطوعي.
تختلف إدارة العمل التطوعي عن إدارة الأعمال التجارية في عدة جوانب أهمها:
أولًا: الأعمال التطوعية لا تهدف إلى الربح المادي، وبالتالي فتقييم العمل التطوعي لا يكون من خلال قياس كم الأرباح أو حجم المدخول، ويصعب عملية عندما تكون أهداف العمل التطوعي غير مادية لا يمكن قياسها بسهولة.
فعلى سبيل المثال ما الأهداف المرجوة من نشاط الكتلة الإسلامية في الجامعة؟ هل هو زيادة عدد المؤمنين بخط المقاومة؟ أم زيادة الملتزمين دينيًا؟ وكيف يمكن القول أن هذا الطالب الذي التزم دينيًا كان بفضل الكتلة أو بفضل المسجد أو بفضل صديق متدين له أو بفضل الانترنت؟
وعندما نتكلم عن نشاط تطوعي لتنظيف الحي، نسأل وماذا بعد انتهاء الحملة؟ هل تعود الأوساخ إلى مكانها؟ ماذا استفدنا من النشاط أول مرة؟
فائدة: أي عمل تطوعي يجب أن يسعى لتحقيق هدف، وإن لم يكن واضحًا الهدف في ذهن القائمين عليه فعليهم أن يراجعوا الجدوى من مشروعهم.
ملاحظة: عدم السعي للربح لا يعني أن لا يبحث القائمون على العمل عن طرق لتمويل مشاريعهم، فالمال هو عصب أي عمل ونشاط مهما كان هدفه.
فالهدف العام والأعلى للنشاط ليس الربح المادي، لكن قد تكون هنالك مشاريع ثانوية ذات طابع ربحي من أجل خدمة المشروع الأصلي.
ثانيًا: المتطوعون يعملون بدون انتظار أجر أو مقابل مادي، ولهذا إيجابيات كثيرة مثل الاستفادة من طاقة الشباب في ما هو منتج ومفيد للمجتمع، ولتوفير الأموال وزيادة مساحة الاستفادة من المشروع التطوعي، كما أن المتطوعين يحملون دافعية للعمل والانتاج أكبر من الذين يعملون لأجل المقابل المادي.
وفي المقابل فالتطوع له سلبيات وخصوصيات يجب الانتباه لها حتى لا يصيب الإحباط والشلل العمل التطوعي بعد فترة، وهذه آفة الكثير من المشاريع التطوعية، وخصوصًا في عالمنا العربي.
لا يمكن تحفيز المتطوع بزيادة الراتب لأنه لا يتقاضاه أصلًا ولا استخدام أسلوب العقوبات والتهديد لأنه يأتي بدافع محبة العمل، فلو شعر أن هذا العمل سيكون مصدر ضغط نفسي عليه فسيتركه ويبحث عن غيره.
لذلك يبحث المتطوعون عن محفزات أخرى، وقد تكون محفزات معنوية مثل المديح والإطراء والسمعة (الشهرة)، وهذه قد تكون أحيانًا سلبية عند المبالغة في الجري وراءها، ويفضل الابتعاد عن استقطاب المتطوعين ممن يولون أهمية كبيرة للجوانب المعنوية (مثل أن يصر على تولي منصب له أهمية معنوية).
وأهم المحفزات هو الشعور بالإنجاز؛ وهو شعور غريزي باللذة عند تحقيق إنجازات يرونها مهمة، وهنا يجب مراعاة أن يكون المتطوع جزء من عملية اتخاذ القرار وأن تفتح له أبواب الإنجاز وأن لا يتم إحباطه برفض مقترحاته.
وفي حال كانت مقترحاته ضعيفة أو غير عملية، فلا يكون الرفض بشكل قاطع، وتذكر أنه يضحي بوقته لكي يعمل معك وهو لا يشعر أنه ملزم بالاستمرار معك، حاول إقناعه بوجهة نظرك، وإن أمكن دعه يجرب فربما ينجح وإن فشل فسيتعلم من فشله.
ثالثًا: كثرة تغير الوجوه وعدم التفرغ أحد أهم مشاكل وتحديات العمل التطوعي، فالكثيرون لديهم التزاماتهم الحياتية، لا يستطيعون تركها من أجل عمل تطوعي لا يجلب لهم أي فائدة أو مردود مادي، والطالب الجامعي لا يستطيع أن يترك امتحاناته من أجل هذا النشاط، والموظف لا يستطيع أن يغادر دوامه في أي وقت.
لذا من المقبول أن يتم تفريغ بعض الأشخاص للقيام بأدوار مهمة في العمل التطوعي، وبالتحديد الأدوار التي لا تحتمل تغير الوجوه أو غياب الشخص المسؤول عنها.
وقد يتم تقديم مكافآت مادية لأشخاص عملوا وقدموا وضحوا بوقتهم ومصالحهم من أجل إنجاح العمل، دون المبالغة بحجم هذه المكآفات حتى لا يفقد العمل التطوعي قيمته، وحتى لا يكون المشروع مطمعًا لأصحاب الغايات المادية، فالكثير من المشاريع (وخاصة التي يمولها الغرب) يغزوها تجار وطماعون، يحولونها إلى بقرة حلوب لهم وللعاملين في هذه المشاريع، دون التفات إلى انتاجيتها.
رابعًا: أصحاب المؤسسات التجارية هم من يحددون نجاحها بعملها والاستمرار بها أو لا، لأنها يفترض أنها تخدم مصلحتهم من خلال زيادة دخلهم وأرباحهم المالية.
أما العمل التطوعي فيفترض أن المستفيدين من النشاط هم من يحددون نجاح المشروع أو لا، وليس القائمين عليها لأن غايتها هي خدمة فئة معينة في المجتمع، ولهذا يجب الاهتمام بقياس التغذية الراجعة، حتى لا يتحول العمل التطوعي إلى "دكانة" تنفق المال بلا فائدة، كما هو حال ما تسمى بالمنظمات غير الحكومية (NGOs).
فعندما ننشئ مشروعًا من أجل مكافحة الفقر في أحد الأحياء، فالاكتفاء بتوزيع الأموال على مشاريع لهولاء الفقراء لا يكفي، فيجب أن نسأل: هل استمرت تلك المشاريع؟ وهل رفعت من مستوى معيشة الفقراء؟
مثال آخر: المهرجانات التي تقيمها الكتلة الإسلامية هل تساهم في جذب أنصار جدد؟ وهل هي ما يجذب جمهور الطلبة؟ وما هي اهتمامات الطالب العادي غير المؤطر؟ هل تلبيها الكتلة أم لا؟ كلها أسئلة يفترض أن يبحث مسؤولو الكتلة عن إجاباتها بين جمهور الطلبة.
نشاط للحلقة الثانية: ضع خطة لتحفيز المتطوعين كي ينضموا إلى مشروعك الخيري الذي تريد إطلاقه، بما في ذلك التعويض عن المتسربين.
شباب من أجل فلسطين تحاول أن تستثير همة الشباب وتتفاعل مع أفكارهم، فأي فكرة مهما كانت بسيطة نحتاجها ما دامت تخدم القضية الفلسطينية.
الثلاثاء، 11 أغسطس 2015
إدارة العمـل التطـوعي الحلقة الثانية – خصوصيات العمل التطوعي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق