عندما زعمت السلطة أن أحمد حلاوة كان أحد زعماء الانفلات
الأمني صدقها الكثيرون (من بينهم أنا)، خاصة وأن هنالك تداخلًا في صفوف كتائب
شهداء الأقصى بين الزعران والمقاومين وغيرهم من الأطياف المنوعة التي يحتويها
الجناح المسلح لحركة فتح.
لا يمكن أن يخرج كل هؤلاء الآلاف في جنازة منفلت أمني
ونتكلم عن جنازة بحجم لن نشهد مثله إلا لقادة المقاومة أمثال العياش وعرفات وأحمد
ياسين.
وهذا يعني أن أحمد حلاوة كان مطلوبًا فقط لأنه زعيم
لعائلة اتهم بعض أفرادها بقتل عناصر أجهزة أمنية، وقتلوه لنفس السبب أيضًا.
وهذا يجعل جريمة السلطة مركبة وفيه تجاوزات للعديد من
الخطوط الحمر أكثر بكثير مما كنا نظن.
فلم يقتلوا منفلتًا أمنيًا خارج القانون بل قتلوا شخصًا
بمنطق الثأر العشائري، وقتلوه غدرًا بعد أن سلم نفسه طواعية، وقتلوه بطريقة بشعة
لا تليق إلا بعصابات همجية، وفوق كل ذلك يزعمون أنهم يريدون حماية البلد من
الفلتان الأمني وهم أربابه.
خروج الناس بهذا الحجم وهتافهم ضد السلطة ووصفها
بالجواسيس، والمطالبة برحيل الحمد الله وأكرم الرجوب، هي مؤشر على الاحتقان الشعبي
ضد السلطة الفلسطينية بأكملها.
عدم الهتاف برحيل عباس لا يعني اقتناع الناس بأنه بريء
لكنه يعني أنهم يريدون إعطاء السلطة فرصة للتراجع، لأنه عندما تصل الأمور إلى
المطالبة برحيل عباس فمعناه أن المجتمع الفلسطيني قطع شعرة معاوية مع السلطة.
والسلطة بغبائها وضيق أفقها ما زالت تعتقد أنها قادرة
على قمع من يتمرد عليها، وتصريحات الحمد الله والرجوب تدل على استخفاف قد يؤدي
لسقوط السلطة بأكملها في الهاوية.
ولست مع المتشائمين الذين يقولون أن المجتمع الفلسطيني
سيسقط في الهاوية مع السلطة، بل ستذهب وحدها غير مأسوف عليها.