عندما استشهد عبد الله عزام قبل 25 عامًا تقريبًا، حماس اتهمت الموساد الصهيوني،
وهذا ما قيل لنا وأكده الجميع، وأذكر أنه ذكر أمامي (ولست أذكر من) أن الاغتيال كان
نتيجة خلافات داخلية، فسخرت بكل ثقة فقد كان اتهام الموساد بالنسبة لي غير قابل للنقاش
(اليوم أشعر كم كنت ساذجًا وقتها).
مرت الأيام والسنوات وكان الموضوع عندي من المسلمات، لكن مع الإعلام الجديد
والإنترنت والاحتكاك ببعض الإخوة المطلعين على الوضع بدأت أسمع كلامًا مختلفًا.
كلام عن أنه ربما الظواهري من قتله (أو تيار الظواهري)، وسمعت محللين كثر
يتهمون التيار المغالي في المجاهدين العرب (الذين أصبحوا لاحقًا تنظيم القاعدة)، لكن
لم أصدق شيئًا بقدر ما كنت أستمع وأستمع حتى لا أتسرع بقبول الاتهام الموجه لهم أو
رفضه.
تابعت لقاءً مع ابنه الدكتور حذيفة وقرأت لقاءً مع زوجته، الاثنان أكدا على
أن تيار الظواهري كفر الشهيد وكانوا يرفضون الصلاة وراءه، وإن كان هنالك استبعاد لأن
يكون للظواهري نفسه دور باغتياله لكن لم يكن حسمًا قاطعًا، وإنما مرجعه بالدرجة الأولى
إلى حسن الظن بالظواهري والقاعدة عمومًا (وهذه آفتنا جميعًا أننا أحسنا الظن يومًا
بمن لا يستحق).
وربما كان يحز في نفس أهل الشهيد أن يكون مقتله على غير يد أعدائه الأزليين
- أي اليهود، فرفضت نفوسهم تصديق أي اتهام آخر، هذا احتمال وارد.
وكان الخلاف بين الشهيد عبد الله عزام من ناحية والظواهري وبن لادن من الناحية
الأخرى يتمحور حول تأكيد الشهيد على ضرورة أن لا ينعزل المجاهدون العرب في معسكرات
وكيانات منفصلة كما كان يريد الرجلان، وأن يعملوا تحت إطار الفصائل الأفغانية المجاهدة
العديدة التي كانت موجودة وقتها.