أعادت مواجهات يوم
أمس الجمعة والأيام التي سبقتها في الخليل والقدس ونابلس ورام الله وشرق غزة
ذكريات الانتفاضة الأولى، عندما كان فتية وشبان في مقتبل العمر يواجهون المحتل
بالقليل الذي يملكونه، بدون أن يخضعوا لتدريبات قاسية ومعقدة ودون أن تصلهم
إمدادات المال والسلاح من أقاصي الأرض، فقط بعفوية وتلقائية بسيطة يتصدون بها
لأعتى وأحدث جيوش العالم المعاصر.
ما زلت أتذكر جيدًا
ذلك اليوم عندما كنت أسير في الشارع متوجهًا إلى المسجد لصلاة العصر، وكان الشارع
ممرًا لسيارات المستوطنين وجيش الاحتلال، وما زلت أذكر الخط الأصفر الذي كانوا
يرسمونه وسط الشارع ليدلوا سيارات المستوطنين على الطريق الواجب سلوكها كي لا
يضلوا الطريق ويصلوا إلى وسط البلد أو أحد المخيمات فيكونوا فريسة سهلة للحجارة
والشبان.
وكنت قد اعتدت منذ
فترة أسابيع قليلة أن أرى شابين (عمرهما كان لا يتجاوز 18 أو 19 وربما أقل لكن
كوني أصغر سنًا فقد كانوا بالنسبة لي شبابًا) يقفان عند مفرق الطريق، ويتبادلان
الحديث ويسيران وسط الشارع، كنت أشك أن لهما دورًا بإلقاء الحجارة على سيارات
المستوطنين، لكن لم يشغل بالي الأمر كثيرًا.
وفي ذلك اليوم وإذ
اقتربت أثناء السير منهما فإذا بحافلة مستوطنين تمر من أمامنا، فإذا بهما يلقيان
حجرين أو ثلاثة، و"طاخ ... طاخ" أصابت الحجارة نوافذ الحافلة
البلاستيكية (المضادة للحجارة)، لم يتحطما طبعًا.