الجمعة، 10 نوفمبر 2017

ليس كل ما يجوز للأفراد يصلح للمجتمع

  
هنالك أمور في الحياة نقبلها من الأفراد المتفرقين لكن لا يجوز أن يتبعها الجميع، من الأمثلة على ذلك:

1-  عدم الزواج: فإذا أراد شخص (رجل أو إمرأة) عدم الزواج لأسبابه الخاصة فهذا أمر مقبول وغير منكر، لكن الترويج في المجتمع لفكرة العزوف عن الزواج وأنه شيء جيد يجدر بالجميع اتباعه، فهذه جريمة تقود إلى انتشار الفواحش وتناقص عدد السكان (كما هو اليوم في الغرب).

2-  الطلاق: إن وجد الإنسان عدم قدرة على الاستمرار في الزواج وأراد الطلاق فهذا حقه ولا يجوز لنا الإنكار عليه، لكن عندما تكثر حالات الطلاق في المجتمع عن الحد الطبيعي فهذه مشكلة بحاجة لعلاج، كما لا يجوز التهوين من أمر الطلاق وتزيينه في عيون الناس.

3-  الهجرة إلى الخارج: إن أراد الإنسان مغادرة وطنه لكسب الرزق أو النجاة بحياته من الظلم، فهذا حقه ولا لوم عليه، لكن تشجيع الناس على الهجرة وترك أوطناهم وتزيين ذلك في عيونهم، والاستهزاء بمن يصمدون على أرضهم ولومهم على تضييع الفرص، فهذه جريمة لا تخدم إلا الاحتلال والاستعمار.


4-  العجز عن الجهاد ومحاربة الاحتلال (الاحتلال المباشر وعبر وكلاء الاستعمار): فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، فمن عجز عن القيام بفريضة الجهاد فلا يلام على ذلك.

لكن لا يقبل من المجتمع كله أن يكون عاجزًا وأن يترك أغلب الناس فريضة الجهاد والتصدي للظلم بحجة العجز، ولهذا وصف الله هذه الظاهرة "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، فعندما يترك المجتمع فريضة الجهاد ومحاربة الظلم فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة.

ولا يجوز بكل تأكيد تزيين العجز في عيون الناس أو وصفه بالفضيلة، أو الإنكار على من أخذ بالعزيمة ووصفه بالمتهور أو المجنون وغير ذلك من صفات الاستهزاء، فإن لم تكن من المجاهدين بيدك فعلى الأقل بلسانك، وإلا فلا تكون عونًا عليهم.

5-  العمل لدى الاحتلال: فالأصل فيه الحرمة والإباحة للمضطر وضمن شروط مشددة، فأما أن تأتي وتزين العمل لدى الاحتلال وتستهزئ بمن يفضل ضنك العيش على العمل عند الاحتلال، فهذه جريمة.

مشكلة الكثير من الناس أنهم يريدون الآخرين نسخة عنهم، فلو كان الشخص عازفًا عن الزواج أراد من الكل العزوف عن الزواج، ولو كان من أهل الرخصة أراد من الجميع الترخص، ولو كان من أهل العزيمة يريد إجبار الجميع على العزيمة.

هنالك قيم مجتمعية يجب أن نروج لها ولا يجوز محاربتها، لكن نراعي اختيارات الناس وظروفهم.

وما ذكرته أعلاه أمور تتراوح بين الإباحة بشكل مطلق (مثل الهجرة وعدم الزواج) حيث يوجد فرق دقيق بين ترك الحرية للناس وبين الترويج لقيم اجتماعية سامية، وكثيرًا ما يخلط الناس بين الأمرين.


وهنالك ما يقبل كاستثناء وكاضطرار مثل ترك الجهاد أو العمل لدى الاحتلال، وهنا الحد واضح، فلا يقبل ممن أخذ بالاستثناء أن يتفاخر بذلك ولا أن يزينه في عيون الناس، بل يتعامل على قاعدة "إذا بليتم فاستتروا".

ليست هناك تعليقات: