الخميس، 5 أكتوبر 2017

دلالات انتخابات العاروري نائبًا لرئيس المكتب السياسي لحماس


  
بدايةً من البديهي القول أن عملية الانتخاب هي التي تحدد الفائز بمنصب نائب رئيس المكتب السياسي، لكن النتيجة تعبر عن توجهات غالبية أعضاء مجلس شورى الحركة.

من هو الشيخ صالح العاروري:

هو أحد مؤسسي كتائب القسام في الضفة الغربية بداية التسعينات، وقبلها كان أحد القيادات الدعوية البارزة في منطقة رام الله، فنحن نتكلم عن شخصية قادمة من خلفية عسكرية مقاومة وأيضًا من خلفية دعوية سياسية.

واكسبه ذلك نوعًا من التوازن في النظر للأمور ولمسناه في الدور الذي لعبه عام 1997م عندما كان أسيرًا في سجن مجدو، بوقف تجاوزات جهاز الأمن التابع لأسرى حماس والذي تميز بالهوس الأمني والتشدد في التعامل مع الأسرى.

واستطاع العاروري حل الجهاز وتجميد عمله والدخول بعملية مراجعات لآليات عمله، وإنهاء حقبة مظلمة في تاريخ الحركة بالسجون.

أمضى حوالي 19 عامًا في سجون الاحتلال، وأبعد عام 2010م إلى سوريا ثم خرج منها بعد الثورة السورية واستقر في تركيا التي اضطر للخروج منها عام 2015م إثر ضغوط أمريكية وصهيونية على أردوغان.

استقر في قطر ثم اضطر للخروج مع عدد من قيادات حماس الذين يتولون ملف الضفة الغربية، في شهر حزيران (6) الماضي، نتيجة ضغوط أمريكية أيضًا ويمكن القول أن وجود هذه القيادات كان أحد الأسباب المباشرة التي فجرت الأزمة الخليجية القطرية.


توجه بعدها إلى لبنان حيث يعيش تحت حماية حزب الله، وهو خيار اضطراري حيث لا يوجد أي بلد آخر يجرؤ على استضافته، وليس بسبب علاقات خاصة بينه وبين حزب الله كما يردد البعض.

لماذا هذا الاستهداف؟

لأنه حسب سلطات الاحتلال الصهيوني هو المسؤول عن تفعيل الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية في الأعوام الأخيرة، ويحملونه تحديدًا مسؤولية عملية خطف المستوطنين في الخليل عام 2014م.

وهذا الاستهداف يدل على خطورة ملف الضفة الغربية بالنسبة للصهاينة، الذين ترعبهم فكرة أن تستطيع حماس إعادة تنظيم نفسها في الضفة والانخراط القوي بالعمل المسلح، مما سيقفز بانتفاضة القدس قفزة لا يحتملها الصهاينة.

إذن مما سبق نستطيع استنتاج الدلالات الآتية:

أولًا: اختياره يثبت أن الحركة ليست معنية بتغيير خطها المقاوم، وأن توجهها نحو المصالحة مع السلطة والعلاقات مع مصر، لا تؤشر على تغيرات استراتيجية في سياستها.

فلا شيء يستفز الصهاينة مثل اختياره لمنصب قيادي في حماس، وعدم مبالاة أعضاء مجلس الشورى العام بهذا الأمر، يؤكد أن التنازل للاحتلال والدخول في مسار المساومات ليس في حسابات حماس.

ثانيًا: اختياره يؤكد على أهمية تفعيل المقاومة المسلحة في الضفة الغربية بالنسبة لقيادة حماس، وهي إشارة لأبناء الحركة في الضفة من أجل بذل المزيد من الجهد في العمل المقاوم، رغم كل العقبات الأمنية والظروف الصعبة.

ثالثًا: عانت حركة حماس منذ عشرة أعوام من حشرها في زاوية قطاع غزة، لأسباب الانقسام وما تلاه، وهذا أدى لتهميش دور الحركة في الضفة، وتناقض ظروف الحركة بين الضفة والقطاع.

وبرز هذا التناقض في الأولويات في عملية خطف المستوطنين عام 2014م عندما سارعت قيادة حماس في غزة لنفي العلاقة بالعملية، وحرصت على أن يبقى التبني غامضًا، حتى لا تجر انتقامًا صهيونيًا ضد قطاع غزة.

وفي المقابل أغضب هذا النفي حماس في الضفة التي أكدت على ضرورة تبني العملية من أجل إعطاء دافعية للشباب من أجل المقاومة.

وجاءت المصالحة الأخيرة مع فتح، والتي استثنت الضفة الغربية، لتبرز مرة أخرى تناقض ظروف حماس بين الضفة وغزة.

صحيح أن الخلاف بين الجانبين لم يتطور إلى درجة كبيرة، والوضع مسيطر عليه بدرجة كبيرة، لكن هذا النوع من الخلافات إن لم يعالج وهو صغير وسمح له بالتمدد، سيصبح غير قابل للإصلاح عندما يكبر.

فجاءت مراعاة الجانب المناطقي باختيار العاروري خطوة هامة من أجل قطع الطريق على نمو أي استقطاب مناطقي داخل الحركة.

رابعًا: هنالك توجه لدى حماس الضفة في الفترة الأخيرة للاعتماد على قادة مبعدين للخارج ليمثلوها، وهذا له إيجابياته كونهم غير معرضين للاعتقال والضغوط، لكن أيضًا له سلبياته بحكم عدم وجود تواصل فعال وآمن بينهم وبين الداخل، مما قد يؤدي لتعيقدات في العمل وتضارب في القرارات.

وهذا تحدي يجب أن تواجهه الحركة في عملها التنظيمي وإعادة تنشيط أجهزتها التنظيمية في الضفة، وهي ضرورة رغم كل المعيقات والصعاب.

ومن الضروري الإدراك أن العبء الأكبر سيقع على عاتق من هم في الميدان، داخل الضفة الغربية، وأنه لا توجد حلول سحرية.


وهذه إشارة يجب التقاطها من شباب حماس في الضفة ليدركوا أهمية دورهم في المرحلة القادمة، وليستلموا زمام المبادرة للعمل ومقاومة الاحتلال.

ليست هناك تعليقات: